رسالة حول موضوع ضمان العيوب الخفية في عقد البيع -عبد القادر العرعاري.
مقدمة:
تعد نظرية ضمان العيوب الخفية من الموضوعات الشيقة و الشاقة في نفس الوقت فهي تشجع الباحث على الخوض فيها نظرا لعلاقتها الوطيدة بالواقع المعيش،و لكثرة المناوعات التي تعرض على المحاكم بسببها. و بالرغم من أهمية موضوع الضمان للعيب فإن الدراسات و الأبحاث التي عالجته في اطار القانون المغربي تعتبر من القلة بمكان فضلا عن أن النظريات التي نسجها الفقه حوله لم تصل إلى رأي موحد بشأنه.
فأما تطور الحياة المعاصرة فان المعاملات المالية لم تبق على الشكل الذي كانت عليه سابقا، فبعد ا، كانت المقايضة منحصرة في بيوع الرقيق و الحيوان و الحبوب، فانه قد ظهر الى الوجود نوع جديد من البيوع لم يكن موجود الى عهد قريب و يتعلق الأمر ببيع التجهيزات المنزلة و الحرفية المتناهية الدقة في الصنع، الأمر الذي تطلب تطوير قواعد الضمان لتتوافق و التغيرات التي حصلت في ميدان المبادلات.
و لما كان عقد البيع من العقود التي لا ينحصر نطاقها في اقليم جغرافي دون أخر فانه ظهرت مجموعة من العقود الدولية خصوصا في الميدان التجاري كالبيع بمعنى خالص التأمين و النقل و البيع بمعنى التسليم في ميناء الشحن الأمر الذي فرض خلق قواعد خاصة بضمان العيب في مجال المعاملات الدولية. و هكذا تظافرت الجهود على المستوى العالمي من أجل تكوين قانون موحد حول البيوع الدولية فكانت اتفاقية لاهاي في فاتح يوليوز 1964 التي تتعلق بمشروع القانون الدولي لبيوع الاشياء المالية المنقولة loi uniforme sur la venie internationale des objets mobiliers corporels
حيث و سعت هذه الاتفاقية "من مفهوم العيب الموجب للضمان اذ عبرت عنه بمصطلح عدم الموافقة (non-conformité) الذي يشمل كلا من العيب بمعناه الدقيق (vice) و كذا تخلف الصفة المشروطة. (dèfaut de qualite).
وقد كان للقضاء الفرنسي دور كبير في ارساء و تطوير قواعد الضمان للعيب، حيث انه لم يقف عند التطبيق الحرفي للنصوص التشريعية، بل خلق مجموعة من الحلول القانونية لاهم المشاكل المستجدة في ميدان الضمان، و بذلك استطاع هذا القضاء مسايرة الظروف الاقتصادية و الاجتماعية التي هي في تغير مستمر. بالرغم من أن نظرية الضمان للعيب المنصوص عليها في القانون المدني الفرنسي لم يتناولها التغيير و التعديل الا عرضا و في مناسبات قليلة. فالى عهد قريب لم يكن متصورا ان تكون بيوع الأشياء المستعملة مشمولة بالضمان، و ذلك لسبب بسيط و هو أن هذه الأشياء كانت تعد من المهملات التي تستوجب الرجوع على البائع لكونها بالية، الا ان الاجتهاد القضائي الفرنسي قد تصدى لهذه المسألة و اقر فيها استحقاق المشتري للضمان، متى استجمع العيب شروطه العامة التي يحددها القانون.
و عندما انتبه القضاء الفرنسي الى خطورة المعاملات التي تتم خارج نطاق الاحتراف بأن يكون أحد الأطراف العلاقة التعاقدية محترفا و أخر ليست لديه دراية باصول الحرفة التامة فانه لم يتردد في اقرار مسؤولية البائع المحترف عن العيوب الخفية حتى و لو كان هذا الأخير قد تستر و راء الشروط المخففة أو المعفية من الضمان (les clauses de non-garanties) وذلك معاملة له بنقيض قصده، و هذا الموقف الذي سلكه القضاء في فرنسا كان له تأثير جد فعال في حث المشرع الفرنسي على التعجيل باصدار مجموعة من القوانين التي تهدف في مجملها الى حماية المستهلك ممن الشروط التعسفية التي يدرجها البائع في عقد البيع.
و مما زاد في أهمية موضوع الضمان للعيب أن الفقه لم يستقر على رأي موحد بخصوص المعنى الاصطلاحي لكلمة "ضمان" و يرجع ذلك أساسا الى تعدد الاستعملات التي يوظف فيها هذا المصطلح، و دفعا لكل التباس فانني ارتايت اعرض في هذه المقدمة لمختلف الاطلاقات الممكنة لكلمة ضمان داخل نطاق العيب خارجه و ذلك في كل من الفقهين الاسلامي و الغربي عللى سواء.
للاطلاع على موضوع الرسالة كاملا يمكنكم تحميلها من خلال الضغط هنا.